**من يحمي المسؤولين عن تجاوزات كلية طب الأسنان بجامعة الفيوم؟

**من يحمي المسؤولين عن تجاوزات كلية طب الأسنان بجامعة الفيوم؟
كتب/احمد طارق
ملف تعيين يكشف وقائع صادمة… وتحقيقات تتعطل رغم قرارات مجلس الجامعة**
تتصاعد أزمة غير مسبوقة داخل كلية طب الأسنان بجامعة الفيوم، وسط حالة من الغضب والاستغراب في الأوساط الأكاديمية والقانونية، بعد سلسلة من التجاوزات الإدارية المرتبطة بقرار تعيين إحدى المرشحات بوظيفة “مدرس” بقسم باثولوجيا الفم والوجه والفكين، وهي تجاوزات يرى مختصون أنها قد تصل إلى حد التلاعب بالمستندات والتزوير الإداري.
ورغم خطورة ما تم كشفه وتوثيقه، ورغم صدور قرار من مجلس الجامعة بتشكيل لجنة للتحقيق، فإن الواقع داخل الكلية يشير إلى أن الأمور تسير باتجاه آخر تمامًا… مما يطرح سؤالًا مشروعًا وملحًا:
من يحمي القائمين على هذه التجاوزات؟ ومن يساند استمرارها؟
—
البداية: إعلان وظيفة يتجاوز المدد القانونية
في ٢٧ مايو ٢٠٢٤، أعلنت الكلية فتح باب التقدم لشغل وظيفة “مدرس” بالقسم، ورغم أن المعايير الأكاديمية والإدارية تلزم بسرعة البت في الإعلانات لضمان العدالة، فإن الملف ظل مجمّدًا لمدة عام وثلاثة أشهر كاملة.
ثم صدر في ٦ يوليو ٢٠٢٥ قرار رئيس الجامعة بتعيين إحدى المرشحات—وهي على قوة جامعة بدر الخاصة—لكن القرار جاء معلقًا على استكمال دورات هيئة التدريس دون تحديد مدة زمنية، ودون دعوة رسمية لاستلام العمل، وهو ما يخالف ما استقر عليه العمل الإداري في الجامعات المصرية.
وبرغم مرور أكثر من خمسة أشهر على القرار، لم تستلم المرشحة العمل حتى اليوم، ولم يحرر لها محضر استلام، ولم يمنح لها رقم وظيفي، ما يعني قانونًا أنها لا صفة لها داخل جامعة الفيوم.
—
ومع ذلك… يتم إدخالها الكلية وتكليفها بالتدريس!
في مخالفة صادمة، قامت عميدة الكلية باستدعاء المرشحة—رغم عدم استلامها العمل—وإسناد تدريس طلاب الفرقة الثالثة إليها، وهو ما يمثل:
تعديًا على قانون تنظيم الجامعات
انتحال صفة عضو هيئة تدريس
تعريض العملية التعليمية للبطلان
وإهدارًا لمبدأ الشفافية وحقوق الطلاب
والأدهى أن هذا التكليف جاء بعد شهرين فقط من القرار، رغم عدم استكمال أي من المصوغات، ما يفتح الباب واسعًا أمام سؤال آخر:
هل كان القرار مُعدًا لتمرير التعيين بأي شكل؟
—
تجاوزات تتوالى: امتحان رسمي لحساب غير قانوني
لم يتوقف الأمر عند حدود التدريس، بل قامت عميدة الكلية بـ:
إنشاء حساب رسمي للمرشحة على منصة الامتحانات الإلكترونية
تمكينها من إعداد امتحان الميدتيرم
رفع الامتحان على النظام
عقد الامتحان يوم ١١ نوفمبر في غياب عضو هيئة تدريس رسمي واحد بالقسم… بل وغياب المرشحة نفسها
الامتحان ذاته شابه خطأ علمي فادح (سؤال ذو إجابتين)، ما يؤكد عدم مراجعة أو إشراف أكاديمي.
هذه الممارسات تمثل—وفق خبراء القانون—بطلانًا مطلقًا، و”انعدامًا إداريًا” يستوجب الإلغاء والمحاسبة.
—
تسجيل ماجستير بلا عضو هيئة تدريس… وتدخل من جامعة خاصة
رغم خلو القسم بالكامل من عضو تدريس متخصص، قامت إدارة الكلية بـ:
فتح تسجيل الماجستير في أكتوبر
إسناد التدريس لمدرس من جامعة خاصة دون قرار ندب حكومي
وهذا يُعد مخالفة صريحة لقانون تنظيم الجامعات، الذي لا يجيز الاستعانة بجامعة خاصة في تدريس برامج حكومية إلا بقرارات رسمية موحدة.
ثم تم تحديد امتحان الماجستير يوم ١٨ نوفمبر، قبل أن يتم تأجيله بعد اعتراض الطلاب، وسط مؤشرات واضحة على أن التأجيل كان هدفه انتظار استلام المرشحة للعمل لإضفاء صفة شكلية على الامتحان.
—
ملف التأمينات… أسئلة بلا إجابة
تكشف المستندات أن المرشحة كانت تعمل بمستشفى حكومي (الزهراء الجامعي – الوايلي الطبية)، وتم فصلها دون إخلاء طرف حتى الآن، ولا يزال ملفها التأميني الحكومي مفتوحًا.
في الوقت نفسه، كانت تعمل بجامعة خاصة (جامعة بدر) ولها ملف تأميني آخر، تم إغلاقه فقط في ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٥ بعد تقديم استقالتها لتتمكن من الترشح للوظيفة الحكومية دون دفع أي غرامات.
وبمقارنة التواريخ، يظهر بوضوح أن إدارة الكلية غضت الطرف عن هذه المخالفات، و”احتفظت” بالوظيفة للمرشحة حتى تتمكن من إنهاء وضعها الوظيفي الخاص.
—
موقف الجامعة… قرارات تُعلن ولا تُنفذ
رغم إصدار مجلس الجامعة قرارًا واضحًا بتشكيل لجنة لفحص قرار التعيين، ورغم إعلان الجامعة أنها ترحب بأي بلاغ من داخل أو خارج الجامعة، فإن الواقع يشير إلى:
رفض مكتب رئيس الجامعة استلام المذكرة القانونية فور تقديمها
اضطرار المحامي أحمد المغربي لإرسالها بعلم الوصول
وتسليم نسخة رسمية إلى هيئة الرقابة الإدارية بالفيوم
بينما تستمر المرشحة في التواجد داخل الكلية وممارسة أعمال التدريس حتى الآن
ما يطرح السؤال الذي يتردد بقوة:
من يحمي هذا الملف؟ ومن يحجب تطبيق القانون؟
—
ختامًا
القضية لم تعد قضية “تعيين” فقط… بل أصبحت اختبارًا حقيقيًا:
لالتزام الجامعة بالشفافية
وقدرتها على تطبيق القانون دون مجاملة
واحترامها لمبادئ العدالة وتكافؤ الفرص
وصيانة حقوق الطلاب والعملية التعليمية
والأوساط القانونية والأكاديمية تنتظر:
إعلان نتائج التحقيق… واتخاذ قرارات حاسمة تعيد الثقة للمؤسسة الجامعية.








