“الخبر الحصرى”إثيوبيا.. صراعات دول الجوار على نظامها السياسى وأكبر صراع تشهده بدون رؤية سياسية حكيمة

كتب / أيمن بحر 

ينشر الخبر الحصرى”

على الرغم من أن أثيوبيا تعانى من صراعات وإضطرابات فى زمن آبى أحمد وتقحم صراعات دول الجوار على نظامها السياسى وأكبر صراع تشهده بدون رؤية سياسية حكيمة بناء سد النهضة الذى قاد صراع سياسى مع مصر والسودان. وأن التعنت الأثيوبى يتطرق لمزيد من النظرة الدولية المعادية لأثيوبيا. بالإضافة الى نزاعتها العرقية الداخلية.
كيف تغيرت أثيوبيا خلال نصف قرن وما التحديات التى تنتظرها؟. يواجه آبى أحمد تحديات فى التوفيق بين تعزير الشعور بالوحدة الوطنية والإحتفاء بالفروقات العرقية. عاشت أثيوبيا تغيرات جذرية خلال العقود القليلة الماضية، لكن تنتظرها تحديات كبيرة فيما يستعد الإثيوبيون للتصويت فى أول إنتخابات برلمانية منذ وصول رئيس الوزراء آبى أحمد الى السلطة فى عام 2018.
ستتولى الإدارة القادمة حكم أكثر من 115 مليون شخص إذ أن أثيوبيا ثانى أكبر دولة أفريقية بعد نيجيريا والثانية عشرة على المستوى العالمى.

يعيش فى إثيوبيا الآن عدد سكان أكبر بخمس مرات مما كان عليه قبل 60 عاماً، لكن معدل النمو السكانى تباطأ قليلاً خلال العقدين الماضيين.
ومن المتوقع أن يزيد عدد سكان البلاد بمعدل ثلاثة ملايين شخص كل عام حتى عام 2050 وأن تصبح البلد الثامن عالمياً من حيث عدد السكان.

مرت أثيوبيا بتحولات إقتصادية سريعة خلال السنوات الأخيرة حيث تجاوز النمو السكانى معدلات النمو الإقتصادى. ووصلت الأمور الى أسوء مراحلها خلال سنوات الجفاف عامى 2002 و2003 ولكن منذ ذلك الحين زاد متوسط دخل الفرد بأكثر من 600 فى المائة لكن هذه النمو لم يشمل كل أنحاء البلاد بشكل عادل.

فى العاصمة أديس أبابا على سبيل المثال، شهدت المدينة توسعاً عمرانياً وتحسنت البنية التحتية والخدمات وشمل ذلك مثلاً إدخال السكك الحديدية الخفيفة الى المدينة. لكن فى أجزاء أخرى من البلاد إشتكى البعض من عدم إستفادتهم من النمو الإقتصادى وهو ما كان مبعث إحتجاجات سياسية فى الماضى.

كما إنعكست التغيرات على خدمات الصحة إيجاباً. فقد شهدت السنوات الخمسين الماضية إنخفاضاً كبيراً فى عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة. كما إنخفضت نسبة النساء اللآتى يتوفين أثناء الولادة.

تتكون البلاد من عدد كبير من المجموعات العرقية ومن المرجح أن يكون للعلاقات بينها تأثير كبير على مستقبل أثيوبيا. ولطالما إشتكت أكبر مجموعة عرقية فى أثيوبيا، الأورومو، من تهميشها إقتصادياً وسياسياً.
ولعبت موجة من الإحتجاجات التى بدأت فى عام 2015 دوراً فى صعود آبى أحمد الذى ينتمى الى الأورومو الى سدة الحكم. كان آبى أحمد حريصاً على تعزيز الشعور بالوحدة الوطنية فى مواجهة الإنقسامات العراقية لكنه كان يريد أيضاً الإحتفاء بهذا التنوع. ومثلت الأحداث الأخيرة التى عاشتها البلاد تحدياً كبيراً لتلك الرؤية.

يسود إثيوبيا النظام الفيدرالى حيث تضم البلاد 10 ولايات ذات طابع عرقى ومدينتين تتمتعان بإدارة ذاتية. يمكن لأى مجموعة عرقية ليس لها ولاية خاصة بها أن تدعو الى إستفتاء لإنشاء ولاية خاصة بها. فقد تأسست ولاية سيداما فى عام 2020 بعد تصويت فى العام السابق ويمكن إنشاء الولاية الحادية عشرة فى جنوب غربى البلاد بعد إستفتاء يجرى فى سبتمبر/ أيلول المقبل.
كان أحد دوافع تبنى النظام الفيدرالى فى دستور 1994 هو تصحيح ما كان يُنظر اليه على أنه مركزية مفرطة في عهد الديكتاتور، مانغستو هيلامريام الذى أطيح به فى عام 1991.
فى نوفمبر/ تشرين الثانى الماضى إنهارت العلاقات بين الحكومة المركزية وإقليم تيغراى فى الشمال، حيث خاضت القوات الفيدرالية معارك ضد الجنود الموالين للحزب الحاكم السابق فى الإقليم.

ومن بين أسباب الخلاف الذى أدى الى المواجهة بين الطرفين الإتهامات الموجهة لآبى أحمد بأنه ينوى جعل أثيوبيا دولة مركزية مرة أخرى.
أدى القتال المستمر فى إقليم تيغراى الى أزمة إنسانية حيث فر أكثر من 60 الف شخص عبر الحدود الى السودان وأجبر مئات الآلاف على النزوح عن ديارهم.
وتم توثيق وقوع مجازر بحق المدنيين بالإضافة الى العنف الجنسى. وأظهر مسح جرى فى الإقليم أن أكثر من 350 الف شخص يعانون من المجاعة. وحسب تقديرات الأمم المتحدة يحتاج أكثر من خمسة ملايين شخص الى مساعدات إنسانية.
وإستبدلت السلطات الفيدرالية إدارة جبهة تحرير تيغراى الشعبية فى الإقليم بإدارة إقليمية مؤقتة ولن تجرى الإنتخابات فى تيغراى بسبب إنعدام الأمن.

وقد سلط القتال الضوء على الصعوبة التى يواجهها آبى أحمد فى تطبيق رؤيته التى تعتمد على تعزيز الشعور بالوحدة الوطنية مع إحترام الاختلافات العرقية أيضاً.
كما إندلعت أعمال العنف فى أجزاء أخرى من البلاد وبعضها نشب بسبب الصراعات العرقية التى لها علاقة بالأراضى والحدود بين الولايات.

وفى أبريل / نيسان فرضت الحكومة حالة الطوارئ فى جزء من ولاية أمهرة فى محاولة للتعامل مع الإشتباكات العرقية بين الأمهرة والأورومو.
وفى وقت سابق من هذا الشهر أفادت الأنباء بأن مائة شخص لقوا مصرعهم فى نزاع على الحدود بين أقليمى عفار والصومال. كما إندلع قتال فى منطقة بينيشانقول- قوموز حيث قال ناجون من هجوم فى ديسمبر/ كانون الأول الماضى إن أفراداً من عرقية القوموز إعتدوا على أشخاص من عرقيات أخرى.
وكثيراً ما نشرت الحكومة الفيدرالية قوات فيدرالية للتعامل مع العنف ولكن إذا فاز آبى أحمد فى الإنتخابات المقبلة فسيحتاج الى بذل المزيد من الجهد لمواجهة العنف الذى يهدد الإستقرار فى البلاد.

اظهر المزيد